لأنّ خطابه تعالى تابع للمصالح والحكم ، ومقتضيات الحكم والمصالح مختلفة ـ إلى أن قال : ـ هذا الكلام ممّا لا يرتاب في قبحه ، نظير أن يقال : انّ الأصل في الأجسام تساوي أن نسبة طبائعها إلى جهة السفل والعلو ،
______________________________________________________
موافقة لذلك الحكم الواقعي؟ وذلك (لأن خطابه تعالى تابع للمصالح والحكم).
ثمّ انّ قوله : «الحكم» جمع حكمة ، والفرق بين المصلحة والحكمة : انّ المصلحة يقصد بها في مثل هذا المقام : المصلحة في ذات الشيء مثل : مصلحة وجوب غسل الميت لتطهيره من نجاسته بالموت ، والحكمة في قبال المصلحة اذ انّها تطلق بملاحظة الامور الخارجية لا بملاحظة ذات الشيء ، مثل غسل جسد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لجريان السنة (١) أي : لضرب القانون مع انّه طاهر مطهر حيّا وميتا ، وبهذا التعليل علّل عليّ عليهالسلام غسل الرسول بعد موته مع انّه طاهر مطهر.
(و) من المعلوم : انّ (مقتضيات) بصيغة اسم المفعول (الحكم والمصالح مختلفة) فلا دليل على انّ حكم التتن في الواقع : الحل ، حتى نقول بأصالة تطابق الواقع مع البراءة الأصليّة ، فانّه قد تقتضي الحكمة أو المصلحة الوجوب فلا يمكن اجراء البراءة ، وقد تقتضي الحكمة والمصلحة الحرمة فلا يمكن اجراء أصل البراءة ايضا (الى أن قال : هذا الكلام ممّا لا يرتاب في قبحه) أحد ، والمراد بهذا الكلام : التطابق بين البراءة والحكم الواقعي في كلّ مورد شبهة.
وعليه : فهذا الكلام (نظير أن يقال : انّ الأصل في الأجسام تساوي نسبة طبائعها الى جهة السّفل والعلو) أي : أن الاجسام بطبيعتها لا ميل لها الى جانب
__________________
(١) ـ وسائل الشيعة : ج ٢ ص ٤٧٧ ب ١ ح ٢٦٩١ وفيه «وذا سنة».