ويضعّف ما قبله بأنّه يصلح وجها لعدم تعيين الوجوب لا لنفي التخيير.
وأمّا أولويّة دفع المفسدة فهي مسلّمة ،
______________________________________________________
(ويضعّف ما قبله) وهو دليلهم الرابع على تقديم الحرمة حيث قالوا : انّ افضاء الحرمة الى مقصودها اتم من افضاء الوجوب إلى مقصوده (بأنّه) على تقدير تمامية الصغرى (يصلح وجها لعدم تعيين الوجوب ، لا لنفي التخيير) لوضوح : انّ الأتميّة ليست ملزمة فلا تستطيع أن تنفي التخيير ، فانّ الأتم يوجب الأفضلية ولا يوجب التعيين ، حتى يقدّم الحرمة المحتملة على الوجوب المحتمل.
والحاصل : انّ هذا الدليل يقول : انّ الترك أفضل ، لا انّه يقول : ان الترك متعيّن ، فيبقى الكلام على ما ذكرناه نحن : من التخيير بين الفعل والترك في دوران الأمر بين المحذورين لا على ما ذكره المستدل.
(وأمّا) دليلهم الثالث : وهو (أولويّة دفع المفسدة فهي مسلّمة) لكن لا على نحو الكلية ، بل في الجملة ، فاذا علم شخص عادي ـ مثلا ـ بانّه لو سافر صفع في سفره صفعة يعوّض عنها بدينار ، لم يكن دفع المفسدة بالنسبة إلى هذا الانسان أولى من جلب المنفعة ، ولذا نراه يسافر لجلب منفعة الدينار ، لا انّه يترك السفر لدفع مفسدة الصفع ، فاطلاق دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة غير ظاهر الوجه ، بل الكبرى : وهي دفع المفسدة أولى ، غير كلية.
هذا ، بالاضافة إلى الاشكال في الصغرى وهي : كون ما نحن فيه صغرى لكليّ دفع المفسدة أولى ، فانّ ما نحن فيه من دوران الأمر بين الواجب والحرام ليس من الدوران بين جلب المنفعة ودفع المفسدة ، حتى يكون صغرى لذلك الكلي