المسألة الثانية
إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة من جهة إجمال الدليل ، أمّا حكما ، كالأمر المردّد بين الايجاب والتهديد ،
______________________________________________________
في الآن الأوّل أن يكون ملزما بالأخذ به في الآن الثاني والثالث وهكذا.
هذا تمام الكلام فيمن قال بالتعيين وفيمن قال بالتخيير مطلقا ، أما من قال بالتفصيل الذي أشار إليه المصنّف سابقا بقوله : أو بشرط البناء على الاستمرار ، فقد استدل له ـ كما عرفت ـ بدليل ضعيف ، ولذا لم يتعرّض له ولجوابه المصنّف ، اذ في دليلهم ذلك ما لا يخفى ، فانّ المخالفة التدريجية مع الالتزام في كل واقعة بأحد الحكمين الذي هو الحكم الواقعي عند الله لا دليل على حرمتها ، تعمّد بها من الأوّل أو لم يتعمدها ، بل قد عرفت : انّ المخالفة القطعية عند العقلاء أولى من المخالفة الاحتمالية كما في مسألة «درهمي الودعي» وغيرها ممّا ذكر في الفقه.
(المسألة الثانية) من مسائل دوران الأمر بين المحذورين ، فقد كانت المسألة الأولى في دوران الأمر بين المحذورين من جهة فقد النص ، وهذه المسألة فيما (إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة من جهة إجمال الدليل) بأن كان الحكم مجملا ، أو الموضوع مجملا ، بحيث يسري إلى الحكم ؛ لوضوح : انّه إذا كان الموضوع مجملا سرى إجماله إلى الحكم ، ولذا قال المصنّف :
(أمّا حكما : كالأمر المردّد بين الايجاب والتهديد) كما في قوله سبحانه : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (١) فهل هو أمر بالسعة وانّ لكل انسان أن يعمل ما يشاء ، أو تهديد بانّه لا يجوز له أن يعمل ما يشاء وانّما عليه ان يتقيّد بحدود الشرع؟.
__________________
(١) ـ سورة فصلت : الآية ٤٠.