الثالث :
إنّ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين إنّما هو مع تنجّز التكليف بالحرام الواقعي على كلّ تقدير بأن يكون كلّ منهما بحيث لو فرض القطع بكونه الحرام كان التكليف منجّزا بالاجتناب ، فلو لم يكن كذلك بأن لم
______________________________________________________
في الهلكة») (١) حيث قد تقدّم في أخبار الاحتياط : أنّ مثل هذه العبادة دالة على انّه إذا ارتكب الشبهة ولم يكن في الواقع هلكة لم يكن عليه عقاب.
(الثالث) من التنبيهات : انّه لو كان أحد أطراف الشبهة المحصورة خارجا عن محل الابتلاء ، فانه لم يتعلق التكليف بالطرف الداخل في محل الابتلاء ، وذلك لأنّه يكون حينئذ من الشك في التكليف ، لا الشك في المكلّف به كما قال :
(إنّ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين) من باب المقدمة لامتثال التكليف المنجّز بالعلم الاجمالي كما اخترناه نحن (انّما هو مع تنجّز التكليف بالحرام الواقعي) المعلوم بالاجمال (على كل تقدير) أي : سواء كان الحرام الواقعي في هذا الاناء أم في ذاك الاناء (بأن يكون كلّ منهما بحيث لو فرض القطع بكونه الحرام ، كان التكليف منجّزا بالاجتناب) عنه.
مثلا : إذا اشتبه الاناء النجس بالطاهر ، فان كان كل واحد من اطراف الشبهة قابلا لان يتعلق به تكليف الشارع بالاجتناب عنه ، وإلّا ، فلا يجب الاجتناب عنه.
وعليه : (فلو لم يكن) كل واحد من اطراف الشبهة (كذلك ، بأن لم
__________________
(١) ـ وهي رواية سعد بن زياد التي رويت في تهذيب الاحكام : ج ٧ ص ٤٧٤ ب ٣٦ ح ١١٢ ووسائل الشيعة : ج ٢٠ ص ٢٥٩ ب ١٥٧ ح ٢٥٥٧٣ وج ٢٧ ص ١٥٩ ب ١٢ ح ٣٣٤٧٨ وكذا روى الزهري والسكوني وعبد الأعلى شبيه ذلك في الكافي (اصول) : ج ١ ص ٥٠ ح ٩ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٥٥ ب ١٢ ح ٣٣٤٦٥ وص ١٧١ ب ١٢ ح ٣٣٥٢٠ ، المحاسن : ص ٢١٥ ح ١٠٢ وفي الجميع (خير) بدل (أولى).