بل هو نظير قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ، ملزوم لأمر إرشاديّ يستقلّ به العقل بتحصيل ذلك الثواب المضاعف.
والحاصل : أنّه كان ينبغي للمتوهّم
______________________________________________________
على وجود الأمر المولوي حتى يدل ذلك الأمر المولوي على الاستحباب (بل هو نظير قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (١)) فيكون الثواب الخاص في أخبار «من بلغ» (ملزوم لأمر إرشادي يستقل به العقل).
وانّما لم يكن الثواب الخاص لازما لأمر مولوي ، لأن الله يعطي أصل الثواب للانقياد ، وخصوصية الثواب تفضل محض ، كما انّه يعطي الثواب في الاطاعة للأمر المولوي ويضاعفه عشرة أضعاف تفضلا محضا ، فقد قال سبحانه : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٢).
وكيف كان : فالعقل مستقل (بتحصيل ذلك الثواب) أصله للانقياد ، و(المضاعف) منه تفضلا محضا ، فلا أصل الثواب يدل على وجود الأمر المولوي ولا خصوصيته تدل على وجود الأمر المولوي ، بل الخصوصية تفضل من الله سبحانه وتعالى على أصل الامر الانقيادي والأمر الانقيادي إرشاد وليس بمولوي فلا يدل على الاستحباب كما يقوله المشهور.
(والحاصل :) لا يقاس أخبار «من بلغ» بمثل خبر «من سرّح لحيته» ، بل يقاس بمثل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (٣) ومثل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٤) ف (انّه كان ينبغي للمتوهم) الذي يريد جعل أوامر «من بلغ»
__________________
(١) ـ سورة الانعام : الآية ١٦٠.
(٢) ـ سورة الانعام : الآية ١٦٠.
(٣) ـ سورة النساء : الآية ٥٩.
(٤) ـ سورة الانعام : الآية ١٦٠.