وأمّا الدليل النقليّ :
فهو الأخبار الدالّة على البراءة الواضحة سندا ودلالة. ولذا عوّل عليها في المسألة من جعل مقتضى العقل فيها وجوب الاحتياط بناء على وجوب مراعاة العلم الاجمالي ، وإن كان الالزام في أحد طرفيه معلوما بالتفصيل ،
______________________________________________________
من نارك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» (١) ولا يخفى : ان كلمة الامام هذه لا تنافي قوله سبحانه : (يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) (٢) لان الامام يريد بيان انه لا تفوته عبادة الله حتى إذا لم تكن رغبة أو رهبة.
هذا تمام الكلام في الدليل العقلي على البراءة عن الأكثر في الأقل والأكثر الارتباطيين.
(وأمّا الدليل النقليّ) على ذلك (فهو : الأخبار الدالّة على البراءة الواضحة سندا) من جهة الحجيّة (ودلالة) من حيث ظهور الدلالة (ولذا عوّل عليها) أي : على هذه الأخبار (في المسألة) أي : مسألة البراءة من الأكثر (من جعل مقتضى العقل فيها) أي : في هذه المسألة (وجوب الاحتياط).
وإنّما أوجب الاحتياط فيها من جهة العقل (بناء على وجوب مراعاة العلم الاجمالي) عقلا (وإن كان الالزام في أحد طرفيه معلوما بالتفصيل) فان هؤلاء يقولون : إنّ معلومية أحد الطرفين لا توجب انحلال العلم الاجمالي ، ولذا يجب عقلا الاتيان بكلا الطرفين ، إلّا ان هذه الأخبار لما كانت موجودة نقول بالبراءة عن الأكثر.
__________________
(١) ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٠ ص ١٥٧ (بالمعنى) وقريب منه في غوالي اللئالي : ج ٢ ص ١١ ح ١٨ والالفين : ص ١٢٨.
(٢) ـ سورة الأنبياء : الآية ٩٠.