فانّه قد يكون الحكمة في وجوب الشيء لنفسه صيرورة المكلّف قابلا للخطاب ، بل الحكمة الظاهرة في الارشاد وتبليغ الأنبياء والحجج ليس إلّا صيرورة الناس عالمين قابلين للتكاليف.
______________________________________________________
وجوبا نفسيا ، فقد قال سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١).
الثاني : صيرورة المكلّف قابلا للخطاب بالتكاليف الشرعية من أمر ونهي.
هذا ، وما نحن فيه : من إيجاب التعلم وجوبا نفسيا إنّما هو للقسم الثاني من الحكمة كما قال : (فانّه قد يكون الحكمة في وجوب الشيء لنفسه) أي : وجوبا نفسيا هو : (صيرورة المكلّف قابلا للخطاب) فكأن الشارع قال للجاهل : تعلّم ، والتعلم عليك واجب نفسي ، والحكمة في إيجاب التعلّم عليك هو : ان تصبح قابلا للخطاب بالصلاة والصيام والحج وما أشبه ذلك.
(بل) هذا القسم الثاني من الحكمة في الواجبات النفسية أمر شائع ، فان (الحكمة الظاهرة في الارشاد) أي : وجوب تعليم الجهال على العلماء (و) كذلك في وجوب (تبليغ الأنبياء والحجج) الأطهار عليهم صلوات الله الملك الجبار أحكام الله تعالى إلى الناس (ليس إلّا صيرورة الناس عالمين قابلين للتكاليف).
إذن : فالتعلم واجب نفسي على افراد الناس لهذه الحكمة وهي : ان يصبحوا قابلين للتكليف بالواجبات والمحرمات حتى لا يفوتهم منفعة التكليف بالواجبات والمحرمات ولا ينالهم مفسدة إهمال الأحكام.
هذا غاية ما يمكن من تقريب كون التعلم واجبا نفسيا.
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٣.