خصوصا في الشبهة الخارجية التي لا يعتبر فيها الغلبة اتفاقا ، فإنّ اعتبار استصحاب طهارة الماء من جهة الظنّ الحاصل من الغلبة وعدم اعتبار الظنّ بنجاسته من غلبة اخرى ، كطين الطريق ـ مثلا ـ مما لا يجتمعان ،
______________________________________________________
مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (١).
وعلى أي حال : فهذا إشكال ثان من المصنّف بعد إشكاله الأوّل في الكبرى ، فقد أشكل أولا : بأن الدليل أخص من المدعى ، وثانيا : بأنه لا حجية لمثل هذا الظن ، كما إن إشكاله السابق : بأن الظن لا يحصل من الغلبة كان إشكالا على الصغرى ، وصورة القياس على ما مرّ هو الظن يحصل من الغلبة ، وكلما حصل الظن من الغلبة كان حجة.
إذن : فلو سلمنا حصول الظن من الغلبة ، فإنه لا حجية لمثل هذا الظن (خصوصا في الشبهة الخارجية) الموضوعية (التي لا يعتبر فيها الغلبة اتفاقا) فإن العلماء متّفقون على إن الشبهات الموضوعية لا يعتبر فيها الغلبة مع إن الاستصحاب فيها موضع وفاقهم.
أما مثال عدم حجية الظن المذكور ، فهو ما أشار اليه بقوله : (فإنّ اعتبار استصحاب طهارة الماء من جهة الظنّ الحاصل من الغلبة) حيث إن الماء القليل طاهر حتى يظن بخلافه (وعدم اعتبار الظنّ بنجاسته) أي : نجاسة الماء القليل (من غلبة اخرى ، كطين الطريق ـ مثلا ـ مما لا يجتمعان) فإنه إذا وقع شيء من طين الطريق في الماء القليل ، فهنا غلبتان مختلفتان :
الاولى : غلبة نجاسة طين الطريق الموجب لنجاسة الماء القليل.
__________________
(١) ـ سورة يونس : الآية ٣٦ ، سورة النجم : الآية ٢٨.