وزاد آخر : أنّ العمل على الحالة السابقة أمر مركوز في النفوس حتى الحيوانات ، ألا ترى : أنّ الحيوانات تطلب عند الحاجة المواضع التي عهدت فيها الماء والكلاء ، والطيور تعود من الأماكن البعيدة الى أوكارها. ولو لا البناء على «إبقاء ما كان» ، لم يكن وجه لذلك.
والجواب : أنّ بناء العقلاء إنّما يسلّم في موضع يحصل لهم الظنّ بالبقاء ، لأجل الغلبة ، فإنّهم في أمورهم عاملون بالغلبة ، سواء وافقت الحالة السابقة أو خالفتها.
ألا ترى : أنّهم لا يكاتبون من عهدوه في حال لا يغلب فيه السلامة ، فضلا
______________________________________________________
وعدم انتقال السوق الى مكان آخر ، وعدم موت الطبيب ، وهكذا.
(وزاد آخر : أنّ العمل على الحالة السابقة أمر مركوز في النفوس حتى الحيوانات ، ألا ترى : أنّ الحيوانات تطلب عند الحاجة المواضع التي عهدت فيها الماء والكلاء ، و) كذلك (الطيور تعود من الأماكن البعيدة الى أوكارها) وهكذا الأسماك ـ كما ثبت في العلم ـ ترجع الى مراكزها بعد الأسفار الطويلة في البحار والمحيطات ، ثم قال : (ولو لا البناء على «إبقاء ما كان» ، لم يكن وجه لذلك) فيدل على إن الاستصحاب فطري لجميع الحيوانات ، فكيف بالانسان؟.
(والجواب : أنّ بناء العقلاء إنّما يسلّم في موضع يحصل لهم الظنّ بالبقاء لأجل الغلبة) لا لأجل الاستصحاب ، فمعيارهم هو : الظن ، لا الاستصحاب (فإنّهم في أمورهم عاملون بالغلبة ، سواء وافقت الحالة السابقة أو خالفتها).
هذا بالاضافة الى عدم حصول الشك لهم غالبا فيما يمارسونه من أعمالهم اليومية المتطابقة مع الاستصحاب ، وذلك بدليل إنهم لو شكوا لتوقفوا.
(ألا ترى : أنّهم لا يكاتبون من عهدوه في حال لا يغلب فيه السلامة ، فضلا