الثاني :
إنّ عدّ الاستصحاب على تقدير اعتباره من باب إفادة الظنّ ، من الأدلة العقلية ، كما فعله غير واحد منهم ، باعتبار أنّه حكم عقلي يتوصل به إلى حكم شرعي بواسطة خطاب الشارع.
فنقول : إنّ الحكم الشرعي الفلاني ثبت سابقا ولم يعلم ارتفاعه ، وكلّ ما كان كذلك فهو باق ،
______________________________________________________
(الثاني) : قد نقول : إن الاستصحاب حكم شرعي بحت ، لأنه ثابت بالأخبار ، وقد نقول : إن الاستصحاب حكم عقلي ، فإذا قلنا بأنه حكم عقلي ، كان المراد منه : ان العقل بضميمة مقدمة شرعية ـ لا مستقلا ـ ينتهي إلى الاستصحاب ، وسيجيء صورة القياس عند قوله : «فنقول» ، وذلك كما قال :
(إنّ عدّ الاستصحاب على تقدير اعتباره من باب إفادة الظنّ ، من الأدلة العقلية ، كما فعله غير واحد منهم) حيث إنهم عدّوا الاستصحاب من الأمارات وذلك (باعتبار أنّه حكم عقلي) غير مستقل (يتوصل به إلى حكم شرعي) توصلا (بواسطة خطاب الشارع) فهنا خطاب شرعي وأمر عقلي ، وضم أحدهما إلى الآخر ينتج الحكم الشرعي.
إذن : فليس مرادهم من الاستصحاب على هذا القول انه حكم عقلي مستقل عن الشرع ليكون من قبيل حسن الاحسان وقبح الظلم وما أشبه ذلك ، بل مرادهم منه : إنه حكم عقلي غير مستقل عن الشرع فهو بانضمام خطاب شرعي ينتهي إلى حكم شرعي ، وصورة القياس ما ذكره بقوله : (فنقول : إنّ الحكم الشرعي الفلاني) كنجاسة الماء المتغير (ثبت سابقا) أي : في الزمان السابق حين كان متغيرا (ولم يعلم ارتفاعه) بزوال التغير من نفسه (وكلّ ما كان كذلك فهو باق)