الأمر الثالث :
إنّ المتيقن السابق إذا كان ممّا يستقلّ به العقل كحرمة الظلم ، وقبح التكليف بما لا يطاق ، ونحوهما من المحسّنات والمقبّحات العقليّة ، فلا يجوز استصحابه ، لأنّ الاستصحاب إبقاء ما كان ، والحكم العقلي موضوعه معلوم تفصيلا للعقل الحاكم به.
فان أدرك العقل بقاء الموضوع في الآن الثاني ، حكم به
______________________________________________________
(الأمر الثالث) مما ينبغي التنبيه عليه في الاستصحاب هو ما يلي :
(إنّ المتيقن السابق) قد يكون موضوعا لحكم شرعي : كما إذا لم نعلم بأن الزوج هل هو حي ، حتى يجب نفقة زوجته ، أم لا ، حتى لا يجب؟ فانه يستصحب بقائه.
وقد يكون المتيقن السابق حكما شرعيا بنفسه ، كما إذا علمنا بقاء الزوج ، لكن لا نعلم هل سقطت عنه نفقة زوجته ، لاحتمالنا نشوزها ، أم لا؟ فانه يستصحب بقاء الحكم.
وامّا (إذا كان) المتيقن السابق (ممّا يستقلّ به العقل) من الأحكام العقلية (كحرمة الظلم ، وقبح التكليف بما لا يطاق ، ونحوهما) مثل وجوب العدل وحسن الاحسان ، وغير ذلك (من المحسّنات والمقبّحات العقليّة ، فلا يجوز استصحابه) إذا شككنا فيه.
وإنّما لا يجوز استصحابه مع الشك فيه (لأنّ الاستصحاب) هو عبارة عن (إبقاء ما كان) كما مرّ سابقا في تعريفه (والحكم العقلي موضوعه معلوم تفصيلا للعقل الحاكم به) فلا تقع الشبهة في الموضوع للحكم العقلي.
وعليه : (فان أدرك العقل بقاء الموضوع في الآن الثاني ، حكم به) أي : بالحكم