وارتكاب خلاف ظاهر آخر ، والمعروف ترجيح الكلّ على النسخ ، لغلبتها بالنسبة إليه.
وقد يستدلّ على ذلك بقولهم عليهمالسلام : «حلال محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة».
______________________________________________________
وارتكاب خلاف ظاهر آخر) كما إذا قال : لا تنم بين الطلوعين ، ممّا ظاهره التحريم ، وبعد حضور وقت العمل قال : لا يحرم النوم بين الطلوعين ، فان كان الثاني نسخا كان معناه ، تقديم ظاهر لا تنم الذي هو التحريم ، وان لم يكن نسخا كان معناه : تقديم ارتكاب خلاف الظاهر في لا تنم حيث حملناه على الكراهة.
هذا (والمعروف ترجيح الكل) أي : كلّ المخالفات للظاهر (على النسخ) وذلك (لغلبتها) أي : غلبة الكل (بالنسبة إليه) أي : بالنسبة إلى النسخ ، فانّ النسخ قليل جدّا ، بينما خلاف الظاهر فهو أكثر من أن يحصى ، فظهور الحكم في الاستمرار الذي ينافي النسخ ، أقوى من سائر الظواهر وأظهر منها ، والظاهر يحمل على الأظهر ، ولذا يلزم عند تعارضهما مخالفة سائر الظواهر وتقديم الأظهر عليها ، وذلك بأن يحمل الأمر على الاستحباب ، والنهي على الكراهة ، وما أشبه ذلك تجنّبا عن الوقوع في النسخ.
(وقد يستدلّ على ذلك) أي : على ما هو المعروف من ترجيح الكلّ على النسخ (بقولهم عليهمالسلام : «حلال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة» (١)) حيث قد ذكرنا سابقا : إنّ المراد بالحلال هو الأحكام الثلاثة اللااقتضائية ، والمراد بالحرام هو ما يشمل الواجب والحرام ، فإذا دار الأمر بين النسخ وبين ارتكاب خلاف الظاهر ، فعموم «حلال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم» يوجب
__________________
(١) ـ بصائر الدرجات : ص ١٤٨ ، الكافي (اصول) : ج ١ ص ٥٨ ح ١٩.