وفيه : إنّ الظاهر سوقه لبيان استمرار أحكام محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، نوعا من قبل الله جلّ ذكره ، إلى يوم القيامة في مقابل نسخها بدين آخر ، لا بيان استمرار أحكامه الشخصيّة إلّا ما خرج بالدليل ، فالمراد : انّ حلاله صلىاللهعليهوآلهوسلم حلال من قبل الله جلّ ذكره إلى يوم القيامة ، لا أنّ الحلال من قبله صلىاللهعليهوآلهوسلم حلال من قبله إلى يوم القيامة ، ليكون المراد استمرار حلّيّته.
______________________________________________________
تقوية ظهور الحكم في الاستمرار ، فيكون عدم النسخ مقدّما على تلك الظواهر ، فنحمل تلك الظواهر على المجاز وإرادة خلاف الظاهر منها.
(وفيه : إنّ الظاهر) من هذا الحديث الشريف (سوقه لبيان استمرار أحكام محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، نوعا من قبل الله جلّ ذكره ، إلى يوم القيامة) والمقصود من استمرارها نوعا إنّما هو (في مقابل نسخها بدين آخر) فدين النبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينسخ بخلاف دين سائر الأنبياء عليهمالسلام (لا بيان استمرار أحكامه الشخصيّة) الجزئيّة ، حتّى إذا كان شيء واجبا في أوّل الشريعة يبقى واجبا إلى الأبد ، وإذا كان حراما في الشريعة يبقى حراما إلى الأبد ، وهكذا بقيّة الأحكام الجزئيّة (إلّا ما خرج بالدليل) فانّه ليس المعنى أنّ أفراد أحكام هذه الشريعة لا ينسخ بعضها بعضا ، إلّا ما ثبت بدليل خاص من النسخ ، كما قالوا بذلك بالنسبة إلى عدّة المتوفّى عنها زوجها ، حيث كان في أوّل الشريعة عاما ، ثمّ نسخ إلى أربعة أشهر وعشرا.
إذن : (فالمراد : إنّ حلاله صلىاللهعليهوآلهوسلم) هو : (حلال من قبل الله جلّ ذكره إلى يوم القيامة) أي : إنّ دينه باق إلى الأبد (لا أنّ الحلال من قبله صلىاللهعليهوآلهوسلم حلال من قبله) هو صلىاللهعليهوآلهوسلم (إلى يوم القيامة ، ليكون المراد) من حكمه صلىاللهعليهوآلهوسلم بحلّية لحم الغنم ـ مثلا ـ أن يكون هذا الحكم الجزئي حلالا إلى يوم القيامة ، بمعنى (استمرار حليّته) وعدم نسخ الحلّية بحكم آخر كالحرمة.