ومنها : ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي ، مع ظهوره مع القرينة في المعنى المجازي ، وعبّروا عنه بتقديم الحقيقة على المجاز ورجّحوها عليه ، فإن أرادوا أنّه إذا دار الأمر بين طرح الوضع اللفظي بإرادة المعنى المجازي ، وبين طرح مقتضى القرينة
______________________________________________________
الفقهاء ، ثمّ قال بعد حضور وقت العمل ، لا تكرم العلماء ، فانّه في هذه الحال يتوهّم جريان استصحاب عدم النسخ لتماميّة أركان الاستصحاب ، غير انّه أصل عملي فلا يكون في مرتبة الأصل اللفظي حتّى يمكن الاستناد إليه ، مع انّه قد عرفت سابقا : إنّ هذه التعليلات لا تفي بإفادة الظهور العرفي الذي هو الميزان في الجمع بين الكلامين ، نعم قلّة النسخ توجب عدم الاعتناء به عند العقلاء.
(ومنها) أي : من جملة المرجّحات الدلالية النوعية : تعارض (ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي ، مع ظهوره مع القرينة في المعنى المجازي ، و) ذلك كما إذا قال مرّة : رأيت أسدا ، وقال اخرى : رأيت أسدا يرمي ، فهل يتصرّف في الأسد بقرينة يرمي حتّى يكون المراد من رأيت أسدا هو الرجل الشجاع ، أو يتصرّف في يرمي بقرينة رأيت أسدا حتّى يكون المراد من يرمي هو رمي الحجر؟ فانّهم قد (عبّروا عنه بتقديم الحقيقة على المجاز) ليكون المراد من رأيت أسدا هو الحيوان المفترس ، وبذلك يتصرّف في يرمي (ورجّحوها) أي : الحقيقة (عليه) أي : على المجاز.
قال المصنّف في تعقيب كلامهم : (فإن أرادوا أنّه إذا دار الأمر بين طرح الوضع اللفظي بإرادة المعنى المجازي) وذلك بأن نحمل الأسد في الكلام الأوّل الذي هو رأيت أسدا أيضا على الرجل الشجاع ، ونطرح ظهوره في الحيوان المفترس الناشئ من الوضع لقرينة يرمي في المثال الثاني (وبين طرح مقتضى القرينة