ويمكن ـ أيضا ـ الالتزام بما ذكرنا سابقا ، من غلبة الباطل في أقوالهم ،
______________________________________________________
في أوّلهما : بأنّ الاستدلال بالتعليل أخصّ من المدّعى ، وذلك لأنّه ان اريد من الرشد : الأقربية إلى الحقّ ، فهو يتمّ في بعض الموارد لا في كلّ الموارد ، فيكون التعليل أخصّ من المدّعى ، فأجاب المصنّف عن هذا الاشكال : بأنّه ليس أخصّ من المدّعى ، وذلك لأنّ التعليل بالرشد إن كان بمعنى الأقربية إلى الحقّ فهو منزّل على الغالب ، ومعلوم : إنّ الغالب انحصار حكم المسألة في وجهين ، ومعه ينحصر خلاف العامّة في الخبر المخالف لهم ، فيصحّ التعليل بأنّه أقرب إلى الحقّ ، وليس منزّلا على النادر وهو : تردّد حكم المسألة في وجوه متعدّدة ، فانّه مع تعدّد الوجوه كما يحصل الاختلاف بين الشيعة في الأقوال ، فكذلك يحصل الاختلاف بين العامّة ، وحينئذ فلا يصحّ التعليل بأقربية المخالف للحقّ ، لعدم تعيّن المخالف لهم بين الوجوه المتعدّدة ، فالتعليل بالرشد إذن منزّل على الغالب ، ومعه فيندفع الاشكال.
هذا هو الاشكال الأوّل الذي أورده المصنّف على الاستدلال بالتعليل وجوابه عنه ، وامّا الاشكال الثاني على التعليل فهو : إنّ الاستدلال بالتعليل متوقّف على غلبة بطلان أحكام العامّة ، والغلبة ممنوعة ، وذلك لأنّه ان اريد من الرشد : الأبعدية عن الباطل ، فهو متوقّف على غلبة بطلان أحكامهم وندرة الحقّ فيها ، ولكن ذلك ممنوع خارجا ، فأجاب المصنّف عن هذا الاشكال قائلا : (ويمكن ـ أيضا ـ الالتزام بما ذكرنا سابقا : من غلبة الباطل في أقوالهم) وأحكامهم ، وذلك لأنّ التأمّل في القرائن المؤيّدة لدعوى هذه الغلبة المستبعدة خارجا يرفع الاستبعاد المذكور ، ومعه فيصحّ أن يقال : بأنّ الموافق لهم أقرب إلى الباطل لغلبة الباطل في أحكامهم ، والخبر المخالف لهم أبعد عن الباطل ، لندرة الحقّ في أحكامهم.