وحينئذ فيكون خلافهم أبعد من الباطل.
ويمكن توجيه الوجه الرابع : بعدم انحصار دليله في الرواية المذكورة.
بل الوجه فيه هو ما تقرّر في باب التراجيح واستفيد من النصوص والفتاوى من حصول الترجيح بكلّ مزيّة في أحد الخبرين يوجب كونه أقلّ أو أبعد احتمالا لمخالفة الواقع من الخبر الآخر.
______________________________________________________
عن كتبهم ، ولذا جمع البخاري كتابه من بين ستمائة ألف حديث كان يرى بطلان باقيها.
(وحينئذ) أي : حين كان الباطل غالبا على أحكامهم وأقوالهم (فيكون خلافهم أبعد من الباطل) حتى وإن تردّد ذلك بين وجوه متعدّدة.
هذا كلّه في توجيه الوجه الثاني القائل بترجيح مخالف العامّة لمظنّة مطابقته للحقّ (ويمكن توجيه الوجه الرابع) أيضا القائل بترجيح مخالف العامّة لعدم احتمال التقيّة فيه (بعدم انحصار دليله في الرواية المذكورة) أي : في رواية : «ما سمعته منّي يشبه قول الناس ففيه التقيّة» حيث ذكرنا أنّ هذه الرواية لا تكون دليلا على هذا الوجه.
إذن : فالوجه فيه ليست هذه الرواية (بل الوجه فيه) أي : في الوجه الرابع المذكور (هو ما تقرّر في باب التراجيح واستفيد من النصوص والفتاوى) على ما فصّلناه سابقا (من حصول الترجيح) لأحد الخبرين على الخبر الآخر (بكلّ مزيّة في أحد الخبرين يوجب كونه أقلّ) احتمالا لمخالفة الواقع (أو أبعد احتمالا لمخالفة الواقع من الخبر الآخر) علما بأنّ الفرق بين الأقل والأبعد هو : إنّ الأقل في الكمّ ، والأبعد في الكيف ، فإذا كان في أحد الخبرين احتمالان للبطلان ـ مثلا ـ وفي الآخر احتمال واحد ، كان الثاني أقل احتمالا فيقدّم ، وإذا كان في كلّ واحد