الثالث :
إنّ التقيّة قد تكون من فتوى العامّة ، وهو الظاهر من إطلاق موافقة العامّة في الأخبار ، واخرى من حيث أخبارهم التي رووها ، وهو المصرّح به في بعض الأخبار ، لكنّ الظاهر أنّ ذلك
______________________________________________________
الأمر (الثالث : إنّ التقيّة) تكون على أقسام تالية :
أوّلا : (قد تكون) التقيّة (من فتوى العامّة ، وهو الظاهر من إطلاق موافقة العامّة في الأخبار) العلاجية ، التي أمرت بطرح ما وافق العامّة من الخبرين المتعارضين ، كما انّه ورد في بعض الروايات : انّ الإمام عليهالسلام لم يكن يتمكّن لشدّة التقيّة ، من الفتوى علنا على خلاف ابن أبي ليلى ، الذي كان قاضيا في المدينة من قبيل الخليفة ، حتّى نقل عنه عليهالسلام انّه قال : امّا قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع من ردّه (١).
(واخرى) : قد تكون التقيّة (من حيث أخبارهم التي رووها) لوضوح : انّ فتاواهم لم تكن مستندة إلى رواياتهم ، فربّما كانت فتوى بدون رواية ، وربّما كانت رواية بدون فتوى ، وقد يجتمعان (وهو المصرّح به في بعض الأخبار) العلاجية ، مثل ما تقدّم عن محمّد بن عبد الله قال : «قلت للرضا عليهالسلام : كيف نصنع بالخبرين المختلفين؟ قال : إذا ورد عليكم خبران مختلفان ، فانظروا ما خالف منهما العامّة فخذوه ، وانظروا ما يوافق أخبارهم فذروه» (٢).
(لكن الظاهر أنّ ذلك) أي : الوجه الثاني الذي ذكرناه بقولنا : «واخرى :
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٧ ص ٦١ ح ١٦ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ٢٢٨ ب ٢ ح ٥٥٣٩ ، تهذيب الاحكام : ج ٩ ص ٢٣٦ ب ٤ ح ١٢ ، وسائل الشيعة : ج ١٩ ص ٤٢٨ ب ٩٢ ح ٤٤٨٨٦.
(٢) ـ وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١١٩ ب ٩ ح ٣٣٣٦٧ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٢٣٥ ب ٢٩ ح ١٩.