إنّ الأصل في الخبرين الصدور ، فإذا تعبّدنا بصدورهما اقتضى ذلك الحكم بصدور الموافق تقيّة ، كما يقتضي ذلك الحكم بإرادة خلاف الظاهر في أضعفهما دلالة ، فيكون هذا المرجّح نظير الترجيح بحسب الدلالة مقدّما على الترجيح بحسب الصدور.
______________________________________________________
عن لحاظ الصدور ، يعني : إذا كان الصدور مقطوعا به ، أو كان معتبرا من جهة حجيّة خبر الواحد ، أو ما أشبه ذلك ، لزم عندها الجمع الدلالي أو الجمع من جهة الصدور ، وحينئذ فكما انّه عند وجود الرجحان الدلالي في الخبرين المتعارضين ، الذين هما من قبيل العام والخاص ، أو المطلق والمقيّد ، يلزم التعبّد بصدور الخبرين المتعارضين معا ، ثمّ يجمع بينهما ولا يرجع إلى المرجّح الصدوري كالأعدلية وما أشبه ذلك ، فكذلك عند وجود الرجحان من جهة الصدور في الخبرين المتعارضين ، الذين هما من قبيل الموافق والمخالف للعامّة يلزم أن نقول بصدورهما معا ، ثم حمل الموافق للعامة على التقيّة ، لا الرجوع إلى المرجّح الصدوري كالأعدلية وما أشبه ذلك للأخذ بالراجح وطرح المرجوح صدورا.
والحاصل : (انّ الأصل في الخبرين الصدور) لأنّ أدلّة حجيّة الخبر يشمل كلا الخبرين ، فنكون متعبّدين بصدورهما (فإذا تعبّدنا بصدورهما اقتضى ذلك) أي : اقتضى التعبّد بصدورهما (الحكم بصدور الموافق) للعامّة (تقيّة ، كما يقتضي ذلك) أي : يقتضي التعبّد بصدورهما (الحكم بإرادة خلاف الظاهر في أضعفهما دلالة) حيث انّه يلزم حينئذ الجمع الدلالي بينهما بحمل العام على الخاص ، والمطلق على المقيّد ، والظاهر على الأظهر أو على النصّ (فيكون هذا المرجّح) أي : مرجّح جهة الصدور وهو التقيّة (نظير الترجيح بحسب الدلالة مقدّما على الترجيح بحسب الصدور) فلا تصل النوبة معه إلى الترجيح