قال : ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف الكتاب والسنة ووافق العامّة.
قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ، فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا ،
______________________________________________________
بأن كان كل واحد من الخبرين في كل الكتب الأربعة فرضا فما ذا يصنع المتنازعان؟.
(قال : ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف الكتاب والسنّة ووافق العامّة).
ولا يخفى : أنّ العامّة في تلك العصور كانوا يعتمدون الكذب الصريح على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلى عليّ عليهالسلام وعلى غيرهما ، كما لا يخفى على من راجع التاريخ ، حتى أن البخاري جمع كتابه من بين ستمائة ألف حديث تقريبا ، ولم يدرجها جميعا في كتابه ، لأنه لم يعتمد عليها ، بالإضافة إلى أنهم كانوا يأخذون بالقياس والرأي والاستحسان وما أشبه ذلك ، ممّا كان يجعل فقههم غالبا على خلاف الواقع ، ولذا جعل الأئمة عليهمالسلام الرشد في خلافهم.
قال الراوي (قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه) أي : الحكم الذي حكم به كل منهما ، بأن كان (من الكتاب والسنّة ، فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا) فهل نأخذ بالموافق أو بالمخالف؟ ومعنى أنهما عرفا حكمه من الكتاب والسنة هو أن يدّعي كل واحد من الفقيهين : إنّ ما يحكم به يوافق الكتاب ، كما نجد مثل ذلك في باب المعاطاة ـ مثلا ـ حيث أن بعض الفقهاء يقولون : أن (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) يشمل المعاطاة ، وبعض الفقهاء ،
__________________
(١) ـ سورة المائدة : الآية ١.