فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.
وهذه الرواية الشريفة وإن لم تخل عن الاشكال ، بل الاشكالات ،
______________________________________________________
هذا الارجاء والتوقف بقوله (فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام) والدخول بلا رويّة (في الهلكات) (١) فإنّ الانسان إذا أخذ بشيء من دون دليل شرعي عليه ، فقد عرّض نفسه للهلاك ، انتهت الرواية.
قال المصنّف (وهذه الرواية الشريفة وإن لم تخل عن الاشكال ، بل الاشكالات) المتعدّدة وليس إشكالا واحدا ، وذلك على ما يلي :
الاشكال الأوّل : إنّ ظاهر الرواية هو : التحكيم ومراجعة الخصمين إلى القاضي لفصل الخصومة بينهما ، وليس في استعلام حكم المسألة ، ويرد عليه حينئذ خمسة أمور كما سيأتي ، من المصنّف بيانها إن شاء الله تعالى.
الاشكال الثاني : إنّ ظاهر الرواية هو : تقديم الترجيح بالصفات على الترجيح بالشهرة وهذا خلاف السيرة المستمرة بين الفقهاء ، حيث أنّهم يقدّمون الترجيح بالشهرة على الترجيح بذي الصفات ، فإذا كانت إحدى الروايتين مشهورة ، والاخرى غير مشهورة يأخذون بالمشهورة ، وإن كان الراوي للمشهورة أقل صفة من صفات الراوي للرواية غير المشهورة.
الاشكال الثالث : إنّ ظاهر الرواية هو : انّ مجموع الصفات من الأعدلية ، والأفقهية ، والأصدقية ، والأورعية المذكورة في الرواية مرجّح واحد ، فيلزم اجتماعها حتى يرجّح به ، مع أن الفقهاء اجمعوا على كفاية كل واحد من تلك الصفات في الترجيح به من دون لزوم اجتماعها.
__________________
(١) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٦٧ ح ١٠ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٠٢ ب ٢٢ ح ٥٢ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٨ ب ٢ ح ٣٢٣٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٠٦ ب ٩ ح ٣٣٣٣٤.