مع بعد فرض وقوعهما دفعة ، مع أنّ الظاهر ـ حينئذ ـ تساقطهما ، والحاجة إلى حكم ثالث ظاهرة ، بل صريحة في وجوب الترجيح بهذه المرجّحات
______________________________________________________
وذلك لأنّ صحة تعدّد القضاة مستلزمة لنفوذ حكم الآخر بعد حكم الأوّل ، والحال أنّ الفقهاء لا يقولون بذلك بل يقولون : بأنّه إذا حكم أحدهما بحكم ينفّذ حكمه ويجب متابعته ، فيلغو حكم الآخر ، ولا يبقى مجال لملاحظة التراجيح فيه.
ويرد عليه : انّا نقول بوقوع الحكم منهما دفعة واحدة عرفية ، مضافا إلى أن قصة ترافع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والاعرابي تدلّ على أنّ للمترافعين مراجعة حاكم ثان ، وحاكم ثالث ، كما هو المتعارف الآن في محاكم الاستئناف والتمييز ثانيا وثالثا.
ويؤيده : ما ذكره الفقهاء من أنّ القاضي إذا خلف القاضي الآخر في بلد ، كان عليه أن يراجع السجون حتى يطلق سراح بعض السجناء وما أشبه ذلك ، مع أنهم سجنوا بحكم القاضي السابق.
خامسا : (مع بعد فرض وقوعهما دفعة) واحدة (مع أن الظاهر حينئذ) أي : حين وقوع الحكم من الحكمين معا دفعة واحدة (تساقطهما ، والحاجة الى حكم ثالث).
ويردّ عليه : أنه لا مانع من جعل حكم ثانوي في الطريقين المتعارضين بعد أن كان الحكم الأوّلي فيهما التساقط ، والأصل الثانوي هو : الرجوع إلى مدرك الحكم وملاحظة المرجّحات إن كانت ، بالنسبة إلى من كان له أهلية الرجوع إلى ذلك من المترافعين.
وعلى أيّ حال : فهذه الرواية وإن لم تخل عن اشكالات حسب نظر المصنّف إلّا أنها بنظره (ظاهرة : بل صريحة في وجوب الترجيح بهذه المرجّحات