الأقوال الصادرة عن الأئمّة صلوات الله عليهم ، بردّ المتشابه إلى المحكم.
والمراد بالمتشابه بقرينة قوله : ولا تتّبعوا متشابهها فتضلّوا هو : الظاهر الذي اريد منه خلافه ،
______________________________________________________
الأقوال الصادرة عن الأئمّة صلوات الله عليهم ، بردّ المتشابه إلى المحكم) ومن المعلوم : انّ هذا يناقض أدلّة الترجيح ، لأنّ معنى أدلّة الترجيح : الطرح ، وهذا معناه : الجمع.
والجواب : إنّ هاتين الروايتين ليستا من روايات العلاج ، بل هما من قبيل ما دلّ على الجمع بين المطلق والمقيّد ، والعامّ والخاص ، والمجمل والمبيّن ، وقد ورد في جملة من الروايات الالماع إلى هذا النحو من الجمع ، علما بأنّ هاتين الروايتين هما في علاج المجمل والمبيّن ، كما قال المصنّف : (والمراد بالمتشابه بقرينة قوله : «ولا تتّبعوا متشابهها ... فتضلّوا» (١) هو : الظاهر الذي اريد منه خلافه) أي خلاف ذلك الظاهر ، وكذا اللفظ الذي لا ظاهر له ابتداء لتردّده بين معنيين أو أكثر ، فيكون من المتشابه أيضا.
مثلا : قول الله سبحانه : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) (٢) فالذي في قلبه زيغ يأتي إلى المتشابه ويفسّره حسب هواه ، وذلك ابتغاء منه للفتنة ، فيفسّر ـ مثلا ـ الجهاد في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) (٣) بقتال المنافقين ، مع انّه يحتمل القتال ويحتمل فضحهم وتحذير الناس منهم ، بينما الذي في قلبه زيغ وانحراف يفسّره بالقتال ، لأنّه يريد الفتنة بين المسلمين
__________________
(١) ـ عيون أخبار ارضا : ج ١ ص ٢٩٠ ح ٣٩ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١١٥ ب ٩ ح ٣٣٣٥٥.
(٢) ـ سورة آل عمران : الآية ٧.
(٣) ـ سورة التوبة : الآية ٧٣.