لهم كما سعدوا في الدنيا بالثبات والاستقامة.
وكأنما أراد الله عزوجل بهذه الحادثة ، وبهذه الآية أن يفطم المسلمين الحقيقيين عن تعلقهم بالاهواء وأن يصلهم مباشرة بالنبع الفياض الذي يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، الذي هو باب مدينة علم الرسول ص وآله.
وكأنما اراد الله سبحانه أن يأخذ بأيدي هؤلاء المستقيمين ، فيصلهم مباشرة بالعروة الوثقى عروة أهل البيت (ع) وكأنما أراد الله سبحانه أن يجعل ارتباط المسلمين بحملة الاسلام مباشرة ، وان يجعل عهدهم معهم مباشرة. وان يجعل مسؤوليتهم في هذا العهد امام الله بلا واسطة ، كما أعلنها يوم غدير خم : من كنتم مولاه فعلي مولاه.
وكأنما كان الله سبحانه يعتبر الجماعة المسلمة لتلقي هذه الصدمة الكبرى ـ حين تقع ـ وهو يعلم عزوجل ، يعلم أن وقعها عليهم يكاد يتجاوز طاقتهم فشاء أن يخبرهم بذلك قبل وقوعه لاتمام الحجة البالغة على عباده.
(وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) الذين يدركون نعمة التكريم الالهي لهذا الانسان حيث أظهر له من البيان كأنه يدركه قبل وقوعه بالعيان ، وهكذا يقرر القرآن حقيقة الموت والحياة ، وحقيقة الغاية التي ينتهي اليها الاحياء ، وفق ما جنت أيديهم وما صنعوه وأعدوه ليوم رحيلهم من هذه الدار الى دار القرار.
(وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا : رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).
انهم لم يطلبوا من الله عزوجل نعمة ولا ثراء ، بل لم يطلبوا ثوابا ولا جزاء ، لقد كانوا أكثر أدبا مع خالقهم وهم يتوجهون اليه ، فلم