ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٥٤) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٥٥)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١٥٦) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨))
البيان : لقد اتنهز الكفار والمنافقون واليهود في المدينة ما أصاب المسلمين من الهزيمة والقتل والقرح ليثبطوا عزائمهم ويخوفوهم عاقبة السير مع محمد ، ويصوروا لهم مخاوف القتال وعواقب الاشتباك مع المشركين وحلفائهم ، وجو الهزيمة هو أصلح الاجواء ، لبلبلة القلوب وخلخلة الصفوف واشاعة عدم الثقة في القيادة ، والتشكيك في جدوى الاصرار على المعركة مع الأقوياء ، وتزيين الانسحاب منها ومسالمة المنتصرين فيها ، مع اثارة المواجع الشخصية والآلام الفردية وتحويلها لهدم كيان العقيدة ، ثم للاستسلام للاقوياء الغالبين.
ومن ثم يحذر الله الذين آمنوا أن يطيعوا الذين كفروا ، فطاعة الذين كفروا عاقبتهما الخسارة المؤكدة ، ولكن يخبرهم الله عزوجل ان خسارة الارتداد هي الخسارة الحقيقية اما الموت والانتقال الى نعيم الابد فهو ربح لا مثيل له ولا يعادله الدنيا وما فيها.
ثم يمضي يثبت قلوب المسلمين ويبشرهم بالقاء الرعب في قلوب الاعداء والنصر لهم فليثبتوا (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) والوعد من الله القوي الذي لا يغلب محقق للنصر والفوز. (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) وكان ذلك مطلع المعركة ـ يوم أحد ـ ولكن خيانة الرماة قلبت النصر هزيمة ، والربح خسران فالنصر مشروط بالطاعة