من عقول هذا البشر المحدود. فخالق البعوضة هو خالق الفيل ، وله الاعجاز والحجة البالغة في الكبير والصغير. لان العبرة في المثل ليس هو الكبر والصغر. وانما هي أدوات للتنوير والتفكير ، وليس في ضرب الأمثال ما يعاب ، وما من شأنه الاستحياء من ذكره ـ والله جلت آلاؤه له حكمته ـ في كل ما يفعل ويصنع. وانما غايته اختبار القلوب واستنارة النفوس.
(الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧))
فأي عهد من عهود الله هو الذي ينقضون. وأي أمر مما أمر الله به أن يوصل هو الذي يقطعون ، وأي لون من الفساد في الارض هو الذي يفسدون.
لقد جاء السياق هنا بعمومه واطلاقه ، وهذه الصورة هي المطلوبة في هذا المقام فكل عهد بين الله وبين عباده من خالفه يكون قد نقضه. ومنها العهد الذي أخذه على عباده في عالم الذر كما في قوله عزوجل :
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا : بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) س ٧ آية ١٧٢
والى هذا يشير قول النبي ص وآله (كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهوداه أو ينصراه أو يمجساه).
ومن العهود التي نقضت ، العهد الذي أخذه رسول الله على المسلمين في غدير خم لأمير المؤمنين (ع) وذلك عند رجوعه من حجة الوداع وكانوا يزيدون عن مائة ألف من جميع أقطار العالم وقد ألزمه الله تعالى في تبليغ هذا وأخذ على جميع المسلمين أبيضهم وأسودهم عربيهم وعجميهم ذكرهم وانثاهم فأنزل عليه قوله تعالى :