والرضا ، والعبد من صنع يده سبحانه وتعالى في حكمته ، وهو الجليل القدير ، العلي العظيم الحي الدائم الأزلي الابدي.
وحب العبد لربه وخالقه هو نعمة من المولى لعبده ، لا يدركها كذلك الا من ذاقها. واذا كان حب الله لعبده أمرا هائلا عظيما ، وفضلا غامرا جزيلا ، فان أنعام الله على عبده بهدايته لحبه وتعريفه لهذا المذاق الجميل الفريد ، الذي لا نظير له في مذاقات الحب كلها هو انعام وتفضل هائل عظيم وشرف غامر جزيل.
واذا كان حب الله لعبده أمرا فوق التعبير أن يصفه الواصفون ، فان حب العبد لربه أمر قلما استطاعت العبارة أن تصوره الا في فلتات قليلة من كلام المحبين.
وهذا هو الباب الذي تفوق فيه الواصلون من اولياء الله الصادقين ـ وقليل ما هم ـ بين ذلك الحشد الهائل من البشر الهائم ، ونعم ما قيل في هذا المعنى الصافي اللذيذ :
فليتك تحلو والحياة مريرة |
|
وليتك ترضى والانام غضاب |
وليت الذي بيني وبينك عامر |
|
وبيني وبين العالمين خراب |
اذا صح منك الود فالكل هين |
|
وكل الذي فوق التراب تراب |
وهذا الحب من المولى الجليل ، لعبد من عبيده ، وهذا الحب من العبد الوضيع لهذا المولى المنعم المتفضل ـ سابقا ولاحقا وفي كل حركة وسكون على عبده ـ يشيع في هذا الوجود ويسري في هذا الكون العريض ، وينطبع في كل حين وفي كل شيء فاذا هو جو وظل يغمران هذا الوجود الانساني كله ممثلا في ذلك العبد المحب المحبوب.
والتصور الاسلامي يربط بين المؤمن وربه بهذا الرباط العجيب