فلما بعث الله نبيه بهذه الصفة حسدوه وكفروا به كما قال الله :
(وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ).
قالوا ان قلوبنا مغلفة لا تنفذ اليها دعوة جديدة ، ولا تستمع الى داعية جديد وهذا القول يقصدون به يئس النبي ص وآله من اجابتهم لدعوته ولا تصديقهم به.
ويقول الله ردا على قولتهم : (بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ).
وقد كان كفرهم قبيحا لانهم كفروا بالنبي الذي ارتقبوه واستفتحوا به على الكافرين (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا) لكأن هذا الكفر هو الثمن المقابل لانفسهم.
وكان الذي حملهم على هذا كله هو الحسد لرسول الله ص وآله. وحقدهم لان ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده ، وهذا كان بغيا منهم وظلما وهي الطبيعة الضيقة يخبو في نطاقها التعصب الاعمى.
وكان الذي يقولون اذا دعوا الى الايمان بالقرآن والاسلام (نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) ففيه الكفاية ، وهو وحده الحق ثم يكفرون بما وراءه ، سواء ما جاء به عيسى أو محمد ص وآله. فاذا قيل : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فهل يبيح دينكم وأحكامكم ذلك.
وهل اتخاذكم العجل من بعدما جاءكم موسى بالبينات وفي حياة موسى (ع) ، كان من وحي الايمان ، وهل يتفق هذا مع دعواكم انكم تؤمنون بما أنزل اليكم ، ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة ولكن :(أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ).
فهي صورة فريدة لقد اشربوا بفعل فاعل سواهم ، ويظل الخيال يتمثل تلك المحاولة العنيفة الغليظة ، وتلك الصورة الساخرة الهازئة ،