صورة العجل يدخل في قلوبهم ، حتى لكأنهم أشربوه اشرابا في قلوبهم ، هنا تبدو قيمة التعبير القرآني المصور الجميل.
(قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٤))
ويعقب على هذا التحدي القرآن المجيد بتقرير أنهم لن يقبلوا المباهلة ، ولن يطلبوا الموت لانهم يعلمون انهم كاذبون ويخشون أن يستجيب الله فيأخذهم ، وهم يعلمون ان ما قدموه من عمل لا يجعل لهم نصيبا في الآخرة ، وعندئذ يكونون قد خسروا الدنيا بالموت الذي طلبوه وخسروا الآخرة بالعمل السيء الذي قدموه ، ومن ثم فانهم لن يقبلوا التحدي فهم أحرص الناس على حياة ، وهم والمشركون في هذا سواء.
(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٩٦))
نعم لن يتمنوه لما قدمته أيديهم والله عليم بظلمهم واجرامهم ، لا يطمعهم في ثواب ولا يؤمنهم من عقاب ، انه لا مدخر لهم هناك ، والله اعلم بما كانوا يقترفون من جرائم وفساد.
وليس هذا فحسب ، ولكنها خصلة اخرى في اليهود ، خصلة يصورها القرآن صورة تفيض بالزراية وشدة التحقير والمهانة ، (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) حياة كريهة حياة ديدان وحشرات ولا ترفع رأسها الا حين تغيب المطرقة. فاذا وجدت المطرقة نكست الرؤوس وعنت الجباه جبنا وحرصا على الحياة.
(يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) ذلك لانهم لا يرجون لقاء الله ولا يحسبون أن لهم حياة غير هذه الحياة ، وما أقصر الحياة الدنيا وما