أضيقها حين تحس النفس الانسانية انها لا تتصل بحياة سواها ولا تطمع في غير أنفاس وساعات على الارض معدودة.
ان الايمان بالحياة الآخرة نعمة ، نعمة يفيضها الايمان على القلب ، نعمة يهبها الله للفرد الفاني المحدود الاجل الواسع الامل.
وما يغلق أحد على نفسه هذا المنفذ الا وحقيقة الحياة في روحه ناقصة أو مطموسة. والايمان بالآخرة ـ فوق انه ايمان بعدل المطلق وجزائه الاوفى ـ هو ذاته دلالة على فيض النفس بالحيوية الممتدة ، التي لا تدرك لها حدود والتي لا يعلم حدودها الا خالق الوجود.
(قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (٩٨))
في هذا التحدي سمة عجيبة حقا ، لقد بلغ الحنق والغيظ من اليهود أن أظهروا العداء والبغضاء لجبرائيل (ع) حينما سمعوا أن جبريل هو الذي ينزل بالوحي على محمد ص وآله. فقد لج بهم الضغن أن يخترعوا قصة غريبة عجيبة ، فزعموا ان جبريل عدوهم لانه هو الذي ينزل بالهلاك والدمار والعذاب على من هلك من أممهم السابقة.
وان هذا هو الذي يمنعهم من الايمان بمحمد ص وآله ودخولهم في الاسلام انه الحجة الواهية. والقرآن يصدق في عمومه ما سبقه من الكتب التي أنزلها الله تعالى على انبيائه السابقين. ولذا نجد القرآن المجيد يكرر هذه الحقيقة في مناسبات شتى. فيقول : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (هدى لقوم يؤمنون) (شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) فالهدى ثمرة الايمان والتقوى واليقين.
(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ (٩٩)