إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣))
لقد تركت اليهود ما أنزل الله مصدقا لما معهم ، وراحوا يتتبعون ما يقصه الشياطين وما يضللون به الناس من دعاوى مكذوبة عن نبي الله سليمان (ع) اذ قالوا انه ساحر.
والقرآن المجيد ينفي عن سليمان (ع) انه كان ساحرا ، وكأنه يعد السحر كفرا ينفيه عن سليمان (ع) ويثبته للشياطين ، ثم ينفي أن السحر منزل من عند الله على الملكين (هارُوتَ ، وَمارُوتَ).
ويبدو أنه كانت هناك قصة معروفة عنهما ، وكان اليهود او الشياطين يدعون انهما كانا يعلمان الناس السحر ، ثم يبين الحقيقة ، وهي أن هذين الملكين كانا هناك فتنة وابتلاء للناس لحكمة مغيبة. وانهما كانا يقولان لكل من يجيء اليهما طالبا منهما أن يعلماه السحر (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) وكان بعض الناس يصر على تعلم السحر منهما مع تحذيرهما له.
وهنا يبادر القرآن المجيد فيقرر كلية التصور الاسلامي الاساسية : وهي انه لا يقع شيء في هذا الوجود الا باذن الله عزوجل.
فباذن الله تترتب المسببات على اسبابها ـ لا بنفسها أراد الله أو لم يرد ذلك ـ وهذه قاعدة كلية في التصور ، لا بد من وضوحها في ضمير المؤمن لئلا يعثر في تفكيره وفعله. ويمكن تشبيه هذه القاعدة : انك اذا عرضت يدك للنار ، فانها تحترق ، ولكن هذا الاحتراق لا يكون الا باذن الله عزوجل ، فالله تعالى هو الذي جعل خاصية الاحتراق للنار ، وأودع يدك خاصة الاحتراق بها ، وهو قادر على أن يوقف هذه الخاصية حين لا يريد ترتب المسبب على سببه ، لحكمة يريدها ، كما وقع