الناسوتية ، مما وجد عند المتكلمين والمتفلسفين ، لانه سبحانه يلمس الموضوعات في واقعها القريب الى الفطرة ، ويتعامل مع الموضوع ذاته لا مع فروض جدلية ـ منشأها الهوى والتضليل لاغراض خاصة.
فيكتفي هنا بهذه اللمسة التي تمس واقعهم وحاجتهم الى الولد وتصورهم لهذه الحاجة وانتفاء وجودها بالنسبة الى الله الغني بذاته عن كل ما خلق ، الذي يملك السموات والارض وما فيهما ، ليبلغ من نفوسهم موضع الاقتناع او موضع الافحام. بلا جدل نظري يضعف أثر اللمسة النفسية ، التي تستجيب لها الفطرة في يسر وهوادة ، ثم يجيبهم بالواقع وهو انهم لا يملكون برهانا على ما يدعون : (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا ، أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)
وقول الانسان ما لا يعلم منقصة لا تليق بالعقلاء وفي الاشياء البسيطة. فكيف اذا كان هذا القول بلا علم على الله سبحانه ، انه جريمة كبرى ، أكبر من كل جريمة ، فهو أولا ينافي ما يستحقه المولى على عبيده ، من تنزيه وتعظيم ، لانه وصف وصفات للمخلوق بمقتضيات الحدوث والعجز والقصور. يجعلونها للخالق العظيم القدير اللطيف الخبير المتعالي عن صفات المخلوقين علوا كبيرا ، ولانه ضلال في تصور العلاقة بين الخالق والمخلوق ، ينشأ عنه ضلال في تصور كل علاقات الحياة والناس والمعاملات.
فكل فرع من تصور هذه العلاقة ، وكل تصور ابتدعه الكهنة لانفسهم في الوثنيات من سلطات وكل ما ابتدعته الكنيسة لها من سلطان (وغفران) انما نشأ عن تصور العلاقة بين الله تعالى وبناته الملائكة ، أو بين الله تعالى وعيسى بن مريم من صلة الابوة والبنوة ، وحكاية الخطيئة (والغفران) ومنها نشأت مسألة الاعتراف ، ومسألة قيام كنيسة