اليها قوم لوط من الدنس والفجور في الفاحشة ، ويكشف عن هذا المدى في مشهد أهل المدينة يجيئون جماعة. يستبشرون بالعثور على شبّان يعتدون عليهم جهرة وعلانية. هذه العلانية الفاضحة في طلب هذا المنكر ـ فوق المنكر ذاته ـ شيء بشع لا يكاد الخيال يتصور وقوعه لو لا انه وقع بالفعل وأخبر عن وقوعه من لا شك في صدق ما قال وما أخبر.
فقد يشذ فرد مريض فيتوارى بشذوذه ، ويتخفى بمرضه. ويحاول الحصول على لذته المستقذرة في الخفاء ـ او اطفاء علته المبتلي بها ـ وهو يخجل ان يطلع عليه الناس.
وان الفطرة لتدعو الى التخفي بهذه اللذة ـ أو هذه البلية ـ حين تكون قد سيطرت على صاحبها وبعض انواع الحيوان يحس بذلك ويتخفى عن الانظار عند ممارسته هذه الجنسية أو هذه الرذيلة.
بينما أولئك القوم المتوحشون يجاهرون بها ويتجمهرون لتحصيلها بكل وقاحة واعلان. فاما لوط فوقف مكروبا يحاول أن يدفع عن ضيفه عن شرفه. وقف يستثير النخوة ـ ان كان لم يزل فيهم بقية منها ـ ويستجيش وجدان تقوى الله. وان كان يعلم انهم لا يتقون الله. ويعلم يقينا ان هذه النفوس المرتكبة هذه الجريمة لم تعد فيها نخوة. ولا شعور انساني يستجاش ولكنه تشبث الغريق. ووسيلة المضطر. (إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) ..
وبدلا من أن يثير هذا في نفوسهم رواسب المروءة والحياء ، اذا هم يتبجحون فيؤنبون لوطا (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) قال هؤلاء بناتي