وهؤلاء المشركون من قريش اقسموا بالله ـ ليخدعوا العوام ـ لا يبعث الله من يموت. فهم يقرون بوجود الله ولكنهم ينفون عنه بعث الموتى من القبور. يرون ان البعث أمرا عسيرا. وغفلوا أو تغافلوا عن أن معجزة الحياة الاولى أعظم وأصعب من الثانية التي هي عبارة عن جمع ما تفرق. اما الاولى فهو ايجاد ما لم يكن أصلا موجودا. فأي الحالتين أسهل وأعسر.
والسياق يرد على تلك المقولة الفاسدة. يكشف ما يحيط بها من الاضاليل فقال تعالى :
(بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) ومتى وعد الصادق وجب اليقين بالوفاء. ويستحيل ان يعد بما لا يقدر عليه مع ان القدرة المطلقة من أوليات صفات الالوهية لان العجز نقص والناقص مخلوق لا خالق والامر لدى الخالق هين لا يحتاج الا الى الارادة (انما قولنا اذا أردناه ان نقول له كن فيكون).
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤))
البيان : فهؤلاء الذين هاجروا من ديارهم وأموالهم ، هؤلاء يرجون في الاخرة عوضا عن كل ما خلفوا وتركوا. هؤلاء الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون لا يشركون به احدا في الاعتماد والتوجه.
(وما أرسلنا قبلك الا رجالا نوحي اليهم) أي لم نرسل ملائكة أو خلقا غير بشر للبشر.
(فسئلوا أهل الكتاب الذين جاءتهم الرسل من قبل : أكانوا بشرا