أم ملائكة (ان كنتم لا تعلمون) (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) سواء منهم السابقون أهل الكتاب أم غيرهم. فقد جاء القرآن ليفصل في هذا الخلاف. وليبين لهم وجه الحق فيه (وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) في آيات الله والقرآن فانه يدعو دائما الى التفكر والتدبر. والى اليقظة والشعور).
(أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٤٥) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٤٧) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٥٠))
البيان : وأعجب العجب في هذا البشر أن يد الله تعمل من حولهم. وتأخذ بعضهم أخذ عزيز مقتدر فلا يغني عنهم مكرهم ولا تدبيرهم ، ولا تدفع عنهم قوتهم ولا علمهم ولا مالهم.
وبعد ذلك يظل الذين يمكرون على استمرار في مكرهم ، فلا يعتبرون. ويظل الناجون آمنين فلا يوقظهم ذلك الى الحذر والردع عما هم عليه خشية أن ينزل بهم ما نزل بغيرهم وقد شاهدوا ذلك ولا يخشون أن تمتد يد الله فتأخذهم وهم في صحوهم ولعبهم ونومتهم. واعراضهم عن الرجوع الى الله والقرآن المجيد يلمس وجدانهم لعلهم يتفكرون فيما يرون ويشاهدون ويحذرون قبل نزول العذاب بهم :
(أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ).
ذلك والكون من حولهم بنواميسه وظواهره يوحي اليهم بالايمان والاذعان والتسليم لخالقه. وبهذا المشهد العجيب من الاشياء الخاشعة والخاضعة لطاعة خالقها وتسجد له بالاذعان والتسليم فلا يستكبرون عن