مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (٧٩) يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢) وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٨٣) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (٨٤)
قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦))
البيان : لا يذكر السياق هنا ما الذي كان في مواجهة الايمان للطغيان في موقف السحرة مع فرعون. ولا كيف تصرف معهم بعد اعتصامهم بايمانهم مستقبلين كل تهديد ووعيد من فرعون. بقلب مؤمن أقوى من الفولاذ. قد تعلق بربه. واستهان بحياة الارض وما فيها ومن فيها.
وانما يعقب بمشهد الانتصار الكامل ليتصل النصر القلبي بالنصر الواقعي وتتجلى رعاية الله وعنايته لعباده المؤمنين كاملة حاسمة. (أَسْرِ بِعِبادِي. فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) : لقد تولت يد القدرة الآلهية ادارة المعركة بين الايمان والطغيان. فلم يتكلف أصحاب الايمان فيها سوى اتباع الوحي. لأن موسى وقومه لا يملكون قوة المقاومة لفرعون وفرعون بيده القوة كلها. فلا سبيل الى خوض معركة حارة مسلحة. هنا تولت يد القدرة ادارة المعركة. ولكن بعد ان اكتملت حقيقة الايمان في نفوس الذين لا يملكون قوة سواها.
وما أدل على هذه القوة من قول السحرة (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) مستهزئين بفرعون وقوته. (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ) لقد تجاوزوا منطقة الخطر ورأوا بأعينهم هلاك عدوهم (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) والتوبة ليست كلمة تقال باللسان وكفى.