انما هي عزيمة بالقلب وعمل بالجوارح. ويتجلى أثرها في السلوك العملي في عالم الواقع. فاذا وقعت التوبة وصح الايمان وصدقه العمل فهنا يأخذ الانسان سبيل الامان من كل خوف وحاجة. (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي) .. قد فتنا قومك .. وأضلهم السامري (فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) : هذه الفتنة يكشف السياق عنها في مواجهة موسى (ع) فراح موسى يسألهم في حزن وغضب (يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا واهلك عدوكم ونجاكم منه فعملكم هذا عمل من يريد ان يحل عليه غضب من الله. كأنما يتعمد ذلك تعمدا ويقصده بختياره. / (عندئذ يعتذرون بذلك العذر العجيب الذي يكشف عن التخلخل النفسي والسخف العقلي.
(قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً (٨٩) وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (٩١) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤) قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦))
البيان : (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ) (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ...) وهكذا نجد هارون أهدأ اعصابا واملك انفعالا من موسى. عندئذ يتجه موسى الى السامري. صاحب الفتنة من أساسها. وانما لم يتوجه اليه منذ البدء لأن القوم هم المسؤولون ان لا يتبعوه. وهارون هو المسؤول ان يحول بينهم وبين اتباعه وهو قائدهم.