فقد ضمن للمؤمنين انه تعالى يدافع عنهم بشرط أن يقوموا بما أوجب عليهم وترك ما نهاهم عنه وطاعته الكاملة وحينئذ يستحقون المدافعة. ولا يشمل هذا الدفاع العاصين لله تعالى وان كانوا يدعون الايمان بدون حق. لقد شاء الله تعالى أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريق معونتهم على أعدائهم كي يتم نضجهم في أثناء المعركة.
والامة التي تقوم على دعوة الله في حاجة الى حشد كل قواها للدفاع والقتال لاعدائها كي يتم نموها ويكمل نضجها وتتهيأ لحمل الامانة والقيام عليها لصون الدين والمجاهدة في سبيل الحق. والنصر السريع الذي لا يكلف عناء والذي يتنزل هينا لينا على القاعدين مثل هذا النصر يعطل تلك الطاقات عن الظهور واستعمال القوة التي وهبها الله لعباده ليؤدوا حقها وبذلها.
وقد يبطىء النصر حتى تبذل الامة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة. واخر ما تملكه من رصيد. فلا تستبقي عزيزا ولا غاليا ، الا تبذله هينا رخيصا في سبيل الله عزوجل. وحتى تدرك الامة ان القوة وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر. انما يتنزل النصر من عند الله بعد ما تبذل الامة آخر ما في طوقها ثم تكل الامر بعدها الى الله فان كانت الحكمة في النصر نصر والا فاليه الامر.
وقد يبطىء النصر لان الباطل الذي تحاربه الامة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماما.
فلو غلب المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصارا من المخدوعين فيه ، فتظل له جذور لم تنكشف لهم الحقيقة. فالحكمة هنا بتأخر النصر حتى يرتفع هذا المانع.
كما قد يبطىء النصر لان في الشر الذي تكافحه الامة المؤمنة ،