ويمعن العاقل في تحديد مواضع القلوب (الَّتِي فِي الصُّدُورِ) زيادة في التوكيد وزيادة في اثبات العمى لتلك القلوب على وجه التحديد. ولو كانت هذه القلوب تعي لجاشت بالذكرى وجاشت بالعبرة. وجنحت الى الايمان خشية العاقبة. الماثلة في مصارع الغابرين وهي حولهم كثيرة ولكنهم بدلا من التأمل والجنوح الى الايمان والحذر من العذاب. راحوا يستعجلون العذاب (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) وذلك دأب الظالمين في كل حين. فانهم يرون مصارع الظالمين. ويقرأون اخبارهم. ثم اذا هم يسلكون طريقهم. فاذا ذكروا بما نال اسلافهم استبعدوا ان يصيبهم ما أصابهم ثم يطغي بهم الغرور والاستهتار اذا امهلهم خالقهم لعلهم يرجعون عن ظلمهم وطغيانهم. (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ..) فما بال هؤلاء الجاهلين يستعجلون هلاكهم ودمارهم لو كانوا يعقلون.(قل يا أيها الناس انما انا نذير مبين) ويمحص السياق وظيفة الرسول ص وآله. في هذا الانذار لما يقتضيه التكذيب ثم يأخذ بالتفصيل (فَالَّذِينَ آمَنُوا) واتبعوا ايمانهم بالعمل الصالح فجزاؤهم الرحمة والرضوان غير منقطع ولا مقطوع. (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ).
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤) وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (٥٥))
البيان : المعنى ان من ارسل قبلك من الرسل كان اذا تلا ما يؤديه الى قومه. حرفوا عليه وزادوا فيما يقوله من عند الله. أو