للقرآن المجيد. (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ). سيعلمون ان كل ما جاءهم به هو الهدى. ولكن لا ينفع علمهم شيئا. سواء كان عند الموت او عند النشور.
(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) وهو تعبير عجيب. حين تنفلت النفس من كل قيد وشرط. وتخضع لهواها فلا تخضع لحق ولا ميزان عدل. وتنبذ منهاج الله وتنقاد لهوى الشهوات.
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ. إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ. بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً).
وفي التعبير تحرز وانصاف اذ يذكر (أَنَّ أَكْثَرَهُمْ) ولا يعمم. لان قلة منهم كانت تجتمع الى الهدى. وتقف عند الحقيقة تتدبرها. واما الكثرة فتتخذ من الهوى الها بدلا من الخالق العظيم المنعم الكريم. وهؤلاء مع كثرتهم (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ. بَلْ هُمْ أَضَلُّ) لان الانسان حين يتجرد من خصائصه. يكون أحط من البهائم والحيوانات. لان البصير الذي يطبق عينيه أشد عمى من الفاقد للبصر نهائيا. (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ). ان مشهد الظل الوريف اللطيف. ليوحي الى النفس المجهودة بالراحة والامان. وهو يمسح على قلب المتعب الطمأنينة. ان هذا القرآن الذي كان يتنزل على قلب محمد ص وآله. كان هو البلسم المريح. والظل الظليل في حر الهجير. وهذا توجيه الى تلك الظاهرة. التي نراها كل يوم ونمر عليها غافلين. وذلك استحياء لضمائرنا وشعورنا بالكون وما حواه. (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً ... وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) وفي الليل تنقطع الحركة ويسكن الدبيب. وينام الناس ، وكثير من الحيوانات والطيور والهوام. فهو سبات. ثم يتنفس الصبح وتنبعث الحركة. وتدب الحياة في النهار. فهو نشور من ذلك الموت