وفي رقابة ، هذا تصور يستحي القلوب ويستجيش العقول. وكذلك يربط السياق القرآني بين حقيقة الحياة الناشئة بارادة الله عزوجل وقدره في هذه الارض وبين النشأة الآخرة ، التي تتحقق كذلك بمشيئة الله وقدره عزوجل (كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ان معجزة الحياة ذات طبيعة واحدة من وراء أشكالها وصورها ، وكما يخرج الله الحياة من الموت في هذه الارض فكذلك يخرج الحياة من الموتى في البشر
(لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٦٠) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ (٦٤))
البيان : تعرض القصة هنا باختصار ، ليست فيها التفصيلات التي ترد في مواضع أخرى من القرآن في سياق يتطلب تلك التفصيلات ، كالذي جاء في سورة هود ، وسورة نوح.
ان الهدف هنا هو تصور تلك المعالم التي تحدثنا عنها آنفا .. طبيعة العقيدة ، طريقة التبليغ وطبيعة استقبال القوم لها ، حقيقة مشاعر الرسول ص وآله تحقق النذير ، لذلك نذكر من القصة فحسب تلك الحلقات المحققة لتلك المعالم عن منهج القصص القرآني :
(فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) ، فهي كلمة لا تتبدل وهي قاعدة هذه الحقيقة التي لا توجد الا بها ، وهي عماد الحياة الانسانية ، التي لا تقوم على غيره.
ان دين الله منهج للحياة ، وقاعدته ان يكون السلطان كله في حياة الناس كلها لله. وهذا هو معنى عبادة الله وحده. ومعنى ألا يكون