جاءه ملك الموت وقبض روحه وهو متكىء على عصاه. وكان قد أمر ان لا أحد يصعد اليه حتى ينزل هو بنفسه. وبقي على تلك الحالة مدة من الزمن والعمال تعمل بجد وحذر خوفا من عقابه حتى كمل المسجد فأرسل الله تعالى دودة (تسمى دابة الارض ـ فلما أكلت الدودة العصا وقع سليمان وظهر لهم انه كان من زمان طويل وهو ميت. فلذا أخبر الله عن ذلك بقوله :
(فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ).
فهؤلاء الجن الذين يعبدهم بعض من دون الله. هؤلاء هم قد سخرهم خالقهم لخدمة عبد من عبيده. وهؤلاء هم محجوب عنهم الغيب الذي يرونه بأعينهم. وبعض الناس يطلب منهم اسرار الغيب البعيد.
(لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ (١٧) وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ (١٨) فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩))
البيان : سبأ اسم لقوم كانوا يسكنون جنوبي اليمن. وكانوا في أرض مخصبة. ما تزال منها بقية الى اليوم. وقد ارتقوا في الحضارة حتى تحكموا في مياه الامطار الغريزة. التي تأتيهم من البحر في الجنوب والشرق. فأقاموا خزانا طبيعيا يتألف جانباه من جبلين. وجعلوا على فم الوادي بينهما سدا به عيون تفتح وتغلق. وخزنوا الماء بكميات عظيمة وراء السد. وتحكموا فيها وفق حاجتهم. فكان