مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) كما يقع عادة في الجماعات فلا يخلو من قلة مؤمنة. تستعصي على غواية الشيطان. وتثبت أن هنالك حقا ثابتا يعرفه من يطلبه. ويمكن لكل من أراده أن يجده. وأن يستمسك به. حتى في أحلك الظروف. وما كان لابليس عليه من سبيل الا من طريق الاغراء والغواية وتزيين المعصية له. فالذي يوقن بان العصيان لخالقه هبوط ودمار وشقاء كيف يمكن لابليس غوايته. وهو على يقين من معرفة السعادة من الشقاء.
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) ادعوهم فليأتوا وليظهروا ، وليقولوا. أو انتم قولوا ماذا يملكون هل لهم شرك في السموات أو في الارض. (وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ).
ويظهر ان الاية هنا تشير الى نوع خاص من الشركاء المزعومين. وهم الملائكة الذين كانت بعض القبائل تدعى لهم الالوهية والتدبير. ولعلهم ممن قالوا عنهم (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى).
(ولا تنفع شفاعتهم عنده الا لمن اذن له) فالشفاعة مرهونة باذن الله. في الشفاعة.
(حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا) انه مشهد في اليوم العصيب. وينتظر الشفعاء والمشفوع فيهم ان يأذن ذو الجلال في عليائه بالشفاعة لمن ينالون هذا المقام ويطول الانتظار ويطول التوقع. وتعنو الوجوه. وتسكن الاصوات. وتخشع القلوب في انتظار الاذن من ذي الجلال والاكرام.
(حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) وكشف الفزع الذي أصابهم. وأفاقوا من الروعة التي غمرتهم فأذهلتهم (قالُوا : ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) قال ربكم الحق. الحق الكلي. الحق الازلي. الحق اللدني. فكل قوله الحق