(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
يجيء هذا البيان بعد الجولة الماضية. وما فيها من تقرير. وانه ليس بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل الا دعوة البيان. وأمرهم بعد ذلك الى الله. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)
فما محمد الا رسول محدد الوظيفة. والله هو صاحب الامر (قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ ...) وكل ميعاد يجيء في أجله الذي قدره الله له. لا يقبل التأخير ولا التقديم. وليس شيء من هذا عبثا ولا مصادفة والمواعيد الآجال وفق حكمته المستورة التي لا يدركها المخلوقون والاستعجال بالوعد والوعيد دليل على عدم ادراك هذه الحقيقة الكلية (وأكثر الناس لا يعلمون).
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (٣١) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (٣٢) وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٣) وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥))
ـ البيان : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ..) فهو العناد والاصرار ابتداء على رفض الهدى في كل مصادره لا القرآن. ولا الكتب التي سبقته. والتي تدل على صدقه. فلا هذا ولا ذاك هم مستعدون للايمان به. لا اليوم ولا الغد. ومعنى هذا انهم يصرون على الكفر ويجزمون عن قصد بأنهم لن ينظروا في دلائل الهدى. كائنة ما كانت فهو العمد اذن وسبق اصرار. وعندئذ جاءهم التهديد :