(وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ ..) ذلك كان قولهم في الدنيا : (لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) وهذا قولهم بين الحساب والنقاش. انما هم موقوفون للعرض والحساب. (ويؤنب بعضهم بعضا) (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ...) فيلقون على الذين استكبروا تبعة الوقفة المرهوبة. والخطر المحدق بهم. ولم يكونوا في الدنيا بقادرين على هذه المواجهة ، كان يمنعهم الذل والطمع. وبيع الحرية التي وهبها الله لهم بيسير من حطام الدنيا وزينتها. اما اليوم وقد سقطت القيم الزائفة وواجهوا العذاب الاليم. فهم يجرأون على القول : (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا : أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى ... بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) فهو التخلي المحتوم عن التبعة عند الشدة. والاقرار بالهدى. وقد كانوا في الدنيا منكرين له.
(وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ... إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ ..)
ثم يدرك هؤلاء وهؤلاء ، ان هذا الحوار اليائس لا ينفعهما معا. فكل وجريمته واثمه. وتبعته. والمستضعفون عليهم وزرهم فهم مسؤولون عن اتباعهم للطغاة. لقد كرمهم الله بالادراك والحرية. فعطلوا الادراك وباعوا الحرية ورضوا لانفسهم ان يكونوا ذيولا للظالمين (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ ...) وهي حالة الكمد التي تدفن الكلمات في الصدور. فلا فوت وأصابهم الكمد والحسرة وهم يرون العذاب.
(وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ