الفطرة مجذوبة الى الذي فطرها بطبيعتها ولا تنصرف عن ذلك الا بصارف طارىء ولا تنحرف عنه الا بدافع خارج عن فطرتها. ولا تلتوي الا بمؤثر خارج عن طبيعتها.
والتوجه الى الخالق من المخلوق هو الأولى وهو الاول. وهو المتجه الذي لا يحتاج الى عنصر خارج عن طبيعة النفس وانجذابها الفطري. والانسان المؤمن يحسّ هذا في قرارة نفسه. (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ويتساءل لم لا اعبد الذي فطرني والذي اليه ارجع فيكرمني اذا انا أطعته كرامة لا مثيل لها في هذه الحياة ابدا. ويعاقبني اذا أنا عصيته عقوبة لا مثيل لها في هذه الحياة ابدا (إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ان أنا اخترت العصيان على الطاعة. والعقوبة على الكرامة. وهذا هو لسان الفطرة الصادقة الصحيحة السالمة. هكذا قراره الأخير في وجه قومه المكذبين المنحرفين بفطرتهم واختيارهم واتباع اهوائهم (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) ..
وهكذا القي بكلمة الأيمان الواثقة المطمئنة. واشهدهم عليها. وهو يوحي اليهم ليقولوها كما قالها. أو يتركهم وما اختاروه لأنفسهم من الهلاك والدمار. والتسافل والخذلان.
(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ..) وهنا تتصل الحياة الدنيا بالحياة الآخرة. والسعادة بالسعادة. ويتجلى الموت لأهل التقوى والصلاح انه نقلة. من عالم الفناء الى عالم الخلود والبقاء. وما هي الا خطوة يخطوها الى الله تعالى. من ضيق هذه الارض ومتاعبها الى سعة الجنة وراحتها الخالدة.
ونرى المؤمن. وقد اطلع على ما آتاه خالقه الكريم. في الجنة والمغفرة يذكر قومه ويتمنى لو يرى قومه ما آتاه ربه من النعيم والكرامة لعلهم يتبعوه فيسعدوا كما سعد هو بكرامة الله.