(وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ) ولا يطيل هنا في وصف مصرع القوم. تهوينا لشأنهم. فما كانت الا صيحة واحدة اخمدت أنفاسهم. ويسدل الستار على مشهدهم البائس المهيل. (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ..) الحسرة انفعال نفسي على حال مؤسفة لا يملك الانسان شيئا حيالها. سوى أن يتحسر وتتألم نفسه. والله سبحانه ـ لا يتحسر على العباد ولكنه يقرر ان حالة هؤلاء العباد مما يستحق حسرة المتحسرين. فهي حال بائسة مؤسفة تنتهي بأصحابها الى شر وخيم. وبلاء عظيم.
يا حسرة على العباد تتاح لهم الفرص للنجاة من بلاء الدنيا وجحيم الآخرة. ويفتح لهم باب السعادة والرحمة. ولكنهم يتجافون ويسيئون الادب والاختيار (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢) وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٣٥))
(سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠))
البيان : ولقد كان في هلاك الاولين الذاهبين. على مدار السنين وتطاول القرون. لقد كان في هذا عظة لمن يتدبّر. ولكن العباد البائسين لا يتدبرون. وهم صائرون الى ذات المصير. فأية حالة تدعو الى الحسرة لهذا الحال الأسيف.
أن الحيوان ليرجف حين يرى مصرع أخيه امامه. ويحاول ان يتوقاه قدر ما يستطيع فما بال الانسان يرى المصارع تلو المصارع. ثم