وحين نتصور ان حجم هذه الشمس يبلغ نحو مليون ضعف حجم أرضنا هذه. وان هذه الكتلة الهائلة تتحرك وتجري في الفضاء. لا يسندها شيء. ندرك طرفا من صفة القدرة التي تصرف. هذا الوجود عن قوة وعن علم (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) والعباد يرون القمر في منازله تلك يولد هلالا. ثم ينمو ليلة بعد ليلة حتى يستدير بدرا. ثم يأخذ في التناقض حتى يعود هلالا مقوسا كالعرجون القديم والعرجون هو العذق الذي يكون فيه البلح من النخلة. والذي يلاحظ القمر ليلة بعد ليلة يدرك ظل التعبير القرآني العجيب (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) وبخاصة ابداع اللفظ (القديم) فالقمر في لياليه الاولى هلال. وفي لياليه الاخيرة هلال. ولكنه في الاولى يبدو وكأنه فيه نضارة المولود. وفي الاخير يطلع وكأنما يغشاه الشيب والهرم. ويكسوه شحوب وذبول العرجون القديم. فليست مصادفة ان يعبر القرآن المجيد هذا التعبير.
والحياة مع القمر ليلة بعد ليلة تثير في الحسّ مشاعر. وخواطر ندية عميقة. والقلب البشري الذي يعيش مع القمر دورة كاملة. لا ينجو من تأثرات ومن سبحات مع اليد المبدعة للجمال واخيرا يقرر دقة النظام الكوني الذي يحكم هذه الاجرام الهائلة بأدق نظام وترتيب.
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ. وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ولكل نجم أو كوكب فلك او مدار. لا يتجاوزه في جريانه ودورانه.
(وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) وحركة هذه الاجرام في الفضاء الهائل أشبه بحركة السفن في الخضم الفسيح. فهي مع ضخامتها لا تزيد على