وهي بذاتها كافية ان تثير في القلب المفتوح هزة عنيفة. ورعشة وانتفاضة وان تخلط بهذا الوجود هذا الكتاب المفتوح الذي تشير كل صفحة من صفحاته الى عظمة الخالق ولطيف تدبيره وتقديره.
ولكن هؤلاء المطموسين لا يرونها. واذا رأوها لا يتدبرونها. والله ـ لعظيم رحمته ـ لا يتركهم مع هذا بلا رسول ينذرهم ويوجههم ويدعوهم الى رب هذا الكون وبارىء هذا الوجود ويثير في قلوبهم الحساسية والخوف والتقوى. ويحذرهم موجبات الغضب والعذاب.
وهي محيطة بهم من كل جهاتهم فلا ينتبهون لها لئلا يقعوا فيها في كل خطوة. من خطواتهم وتتوالى عليهم الآيات القرآنية مضافة الى الآيات الكونية. التي تحيط بهم ولكنهم عنها معرضون وتطاولوا على من يدعونهم الى البر والتقوى والانفاق مما رزقهم الله قائلين :
(إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) وتصورهم للامر على هذا النحو يكشف عدم ادراكهم لسنن الله في حياة العباد. وان الله تعالى هو مطعم الجميع. وكل ما في الارض من ارزاق ينالها العباد هي من كرم الله تعالى وجوده. ولذا يذكرهم الله في بعض آياته بذلك فيقول :
(أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ. أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) س ٥٦ ي ٦٩ فقولة اولئك المحجوبين عن ادراك حكمة الله في الحياة (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ). ان هو الا الضلال المبين. الحقيقي عن ادراك طبيعة سنن الله تعالى. وادراك حركة الحياة. والاسلام يضع النظام الذي يضمن الفرص العادلة لكل فرد. ثم يدع النشاط الانساني المتنوع اللازم لخلافة الارض يجري مجراه النظيف. ثم يعالج الآثار السيئة بوسائله الحكيمة. (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ووعد الله لا يستقدم لاستعجال البشر