لقد نفخ الله من روحه في هذا الكائن البشري لأن ارادته اقتضت ان يكون خليفة في الارض وان يتسلم مقاليد هذا الكوكب في الحدود التي قدرها له. حدود العمارة ومقتضياتها ولقد استجاب الملائكة كلهم اجمعون لأمر ربهم كما هي فطرتهم (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) (إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ) فهل كان ابليس من الملائكة الظاهرانه كان معهم ويس منهم وكيف خالف وعصى فهو أمر خفي. واقتضت مشيئة الله وحكمته أن يجيبه الى ما طلب وأن يمنحه الفرصة التي اراد (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) وبهذا تحدد منهجه وطريقه. انه يقسم بعزة الله ليغوين جميع الآدميين. لا يستثني الا من ليس له عليهم سلطان وهم الذين عرفوا الله حق معرفته فالزمتهم عقولهم بطاعته ولا يلتفتوا الى كل خدع الشيطان وغروره مهما تنوعت (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ) والله يقول الحق دائما ان كل ما استجار بربه والتجأ اليه حماه من كل كيد وآمنه من كل خوف. وكفله من كل حاجة وبلاء ولذا يقول خليفته امير المؤمنين (ع) (ألا ان جار الله آمن وعدوه خائف) وبهذا تعرف الاخيار من الأشرار.
* * *
ـ ٣٩ ـ سورة الزمر. وآياتها (٧٥) خمس وسبعون آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ