أن يستعلي عليه الحق لاذ الى طغيانه. واما الحق فانه يخاطب الفطرة والعقول بالدليل والبرهان الساطع.
ولقد كان فرعون ـ في أيام مولد موسى (ع) ـ قد أصدر مثل هذا الامر. ونفذ بأكثر من عشرين ألفا القتل من الاطفال
(وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (٢٦) وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ (٢٧) وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨) يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلاَّ ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشادِ (٢٩) وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١))
البيان : (وَقالَ فِرْعَوْنُ ...) يبدو من قوله (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) ان رأيه هذا كان يجد ممانعة ومعارضة ـ من ناحية الرأي ـ كأن يقال مثلا : ان قتل موسى لا ينهي الاشكال. فقد يوحى هذا للجماهير وللدين الذي جاء به. وبخاصة بعد ايمان السحرة في مشهد شعبي جامع واعلانهم سبب ايمانهم. وهم الذين جيء بهم ليبطلوا عمله وبناؤه. وقد يكون بعض مستشاري الملك أحس في نفسه رهبة ان ينتقم آله موسى له. ويبطش بهم. وليس هذا ببعيد. فقد كان الوثنيون يعتقدون بتعدد الالهة. ويتصورون بسهولة ان يكون لموسى آله ينتقم لموسى ممن يعتدون عليه (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) فهل هناك أظرف من أن يقول فرعون الضّال الوثني. عن موسى رسول الله (ع) (انه يظهر الفساد) أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد.